عن الأمل والألم
لم يعد يتذوق الشعر، بات مبتذلاً في كل مرة كسرت الموسيقا قافيته وحريته.
فلم يعد يخشى أن تذبحه الأشعار، لكثرة ما تخثر على نصلها من دماء، إلى أن بات نصلها ميتا. اعذره ففي عذاباته لم يعتد البحر كالصخر لا تقضمه دموع المنفى.
***
في كفها طعم الملح والخبز والحبر والحكايات وبذور جنون وبدايات لا تصل.
***
في كامل غييه وجنونه. مازال يدرك أن لغة الإصرار التي تتلبسه (إصراره على ما بقي منهما)، لها طعم البوح الأول في فمه. فيحمل حقائبه ويمشي إليها في أول شفاهه. يمشي بلا توقف وإن انتهى اللحن، يبحث عن قطارات تصفر داخل قلبه، تذهب ولا تعود، لكنها أيضاً لن تصل.
***
لا يهمه ان كنت مت أو عشقت قبله. فعندما تخرجين من القاع إلى الضفة ذكريه بالإله المتربع على أسمائنا كالإثم، يمد في مدننا جواسيسه، ليغازلك وليحترق على حدود اسمك المتسع كفراشة، فقد وعدني بذلك.
***
كم مرة صلى للسماء أن تختل يدها المعلقة بالآيات والصلوات وهي تمسك في كبدها بهذا الطائر المعدني الذي خرج من بيضة المستحيل وابتلعه في الطريق إلى الهناك البعيد عنك، في كل مرة!
***
عندما يكون البحر حزيناً لا يعانقه، فقد ذبحه حبه بشراسة.
هكذا أحبك ولكنه ذبحني.
***
قال:
ليس سراً أن قدمي مازالت تغوص تحت آثار امرأة يُقال إنها كانت تمارس الحزن بشهوة على شاطئ الله الخالي، هجرت فجأة الرمل وتركت البحر، واكتشف الإنسان النار، ففرح الله.
***
قال:
أفتح لك أبواب القلب عن آخرها، لتقرأي ظلك ما بين الوشم وخطوط النار، ابحثي في مسامي عن بذور أنفاسك العالقة منذ آخر قافية تقاسمها رخام جسدك وعرقي في سرير قصيدة مسروقة من ليل المدن.
***
في كل مرة رآهم يمزقون جلده بأنصال سكاكينهم، ويصرخون بنشوة وهم يغطون به فروجهم، ركض إليك ليرمي وجهه في طين كفيك كبرتقالة يطاردها العفن، ولكنه لم يجدك.
***
قال:
يحدث لي أن أنفلت مني وأهرب من كلماتهم الملتبسة، وصراخهم ودماء ولدي وابنتي على يدي، فأركض إلى مسامي وأمد قدمي لأخرج، لأجدهم هناك يجدلونك بحروفهم وكلماتهم وغزلياتهم، لتنفتح تلك الهوة السوداء وتبتلعني...دائماً.
***
قال:
سأمشي في كل الكتب المقدسة بعد أن تهجرها الآلهة علي أجد فيها حبيبتي.
***
ليس من الكبرياء ليرحل، ولا من القوة ليكسر الصليب، حتى هذا العجوز على الكرسي المجاور له على الطائرة قد تنبه لذلك.
***
قال:
سأشتري بيانو لبيتي كي أرى النهر حيث غسلت ملابسك مني، ولتخرس مدنك الكبيرة.
***
هو الصوفي الذي وقع في حب بحيرة (وأشار إليه حسين البرغوثي) ولكن البحيرة، جفت يوم فتحت عينيك لوضوء من لا يعرف الصلاة.
***
تجمعوا حولها كالضباع، يخرجون من تحت كل قصيدة مرمية كغطاء بالوعة مهملة في المدن التي مرت أو لم تمر بها، فكانت تراكمهم على الهامش، إلى أن احتاجتهم يوما لتعرف أين هي.
أما هو فقد خرج إلى البياض...ليس تماماً، ولكنه حاول، مهزوماً متجهاً صوب وعي أبيض جديد، لا موسيقا له.
***
في كل مرة صوّب فيها بندقيته تجاه رأس ظله على الحائط الأبيض أمامه، ويطلق النار كان يسمع ضحكاتها حين يتغزلون بها، وينفجر خيط دم رفيع من صلاته.